أنا والاكتئاب وهواك | مراجعة نصف كتاب

 يتحول المصاب بالاكتئاب السريري الشديد إلى جثة مفرغة من الحياة تمشي على الأرض

 

كتاب الحزن الخبيث: تشريح الإكتئاب، لويس ولبرت





كنت أجهل كل شيء عن الاكتئاب. كنت أظن أن اليأس العميق وفقدان الأمل في الشفاء من السرطان هما السبب الحقيقي للاكتئاب، وبما أنني لست مصابة بالسرطان فقد كنت أُقنع نفسي بأنني بعيدة عن هذا المرض. في مخيلتي، كان الاكتئاب مجرد شعور عابر وليس مرضًا حقيقيًا، لذلك لم أُعطِ نفسي فرصة للتعرف عليه أو القراءة عنه. كنت أفسِّر معاناتي بأنها مجرد خلل في المشاعر، حتى جاء اليوم الذي وصفَت لي فيه طبيبتي دواء “إسيتا” (Escita) أو بالاسم العلمي “إيسيتالوبرام” (Escitalopram). كعادتي لم أسأل عن سبب وصف هذا الدواء ولا عن طبيعة الخلل الذي يعالجه، ولم أكن أعلم أنه دواء للاكتئاب.


بدأت في تناول جرعاتي الموصوفة، وخلال فترة وجيزة تغيَّرت حياتي بشكل لم أعهده من قبل. أصبحت مقبلة على الحياة، نشيطة، كما لو أن صخرة عملاقة كانت فوق رأسي ثم أُزيحت فجأة، فخفَّ وزني الداخلي وأصبحت حياتي أكثر خفة ومتعة. حين سألتني طبيبتي عن شعوري أخبرتها بهذا التشبيه بالضبط: “كأن صخرة أُزيلت عن رأسي.” كنت أشعر أنني مستعدة لأغزو العالم!


كانت تجربتي مشابهة أيضًا مع دواء بروزاك وأدوية أخرى مضادة للاكتئاب. في كل مرة أجرب دواءً جديدًا أشعر بنفس الصدمة الإيجابية الأولى. هذه التجربة جعلتني أؤمن أخيرًا بأن الاكتئاب موجود فعلًا، وأنه مرض حقيقي يعبث بكيمياء الدماغ، وليس مجرد وهم أو ضيق عابر أو نتيجة حتمية لفقدان أو صعوبة حياتية كما يوحي بذلك بعض الكتب — على الأقل النصف الذي قرأته منها. الدواء ليس وهمًا، بل مادة مؤثرة وفعّالة.


الاكتئاب يشبه جبلًا أسود غامضًا أحمله فوق رأسي، يمنعني وزنه الثقيل من أداء أي عمل ويحجب عني رغبتي في الحياة. إنه حقيقة مؤلمة وموجعة، لكنه حقيقة موجودة لا يمكن إنكارها.


مؤخرًا أصابتني موجة اكتئاب شديدة للغاية دفعتني للبدء في تناول دواء “إفيكسور” (Efexor) أو “فينلافاكسين” (Venlafaxine). بعد أكثر من شهر بدأت أستعيد جزءًا من عافيتي، والعملية ما زالت بطيئة جدًا، لكني بدأت أشعر بتغير بسيط نحو الأفضل.


هذه التجارب كلها تؤكد لي أن الاكتئاب موجود حقًا، وأنه مرض بشع يختلف كليًا عن الشعور باليأس أو الضيق. فهذه مشاعر سيئة ومؤلمة، لكن الاكتئاب شيء آخر أعمق وأثقل وأكثر تأثيرًا في الجسد والعقل.


أوه نسيت أن أذكر اسم الكتاب، إنه كتاب اخفاق التواصل كشف الأسباب الحقيقية للاكتئاب وكيف نجد الأمل


وللحديث بقية… つづく

تعليقات